الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد
.تفسير الآية رقم (90): {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (90)}{أولئك} {فَبِهُدَاهُمُ} {أَسْأَلُكُمْ} {لِلْعَالَمِينَ}(90)- وَهَؤُلاءِ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ، الذِينَ وَرَدَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي الآيَاتِ السَّابِقَةِ، وَالذِينَ وَصَفَهُمُ اللهُ تَعَالَى بِأنَّهُ آتَاهُمُ الكِتَابَ وَالحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ، هُمُ الذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ هِدَايَةً كَامِلَةً، فَاهْتَدِ، يَا مُحَمَّدُ، بِهُدَاهُمْ، وَاقْتَدِ بِهِمْ، فِي الأَخْلاقِ الحَمِيدَةِ، وَالصِّفَاتِ الرَّفِيعَةِ، وَالصَّبْرِ عَلَى أَذَى السُّفَهَاءِ، وَالعَفْوِ عَنْهُم، وَقُلْ لِقَوْمِكَ إنَّنِي لا أَسْأَلُكُمْ أَجْراً عَلَى إِبْلاغِ رِسَالَةِ رَبِّي إلَيْكُمْ، وَمَا أَنْزَلَهُ عَلَيَّ مِنَ القُرْآنِ، فَهَذَا القُرْآنُ هُوَ تَذْكِيرٌ (ذِكْرَى) لِلْعَالَمِينَ الذِينَ يَتَذَكَّرُونَ فَيَرْشُدُونَ مِنَ الجَهَالَةِ وَالضَّلالَةِ.اقْتَدِهْ- اقْتَدِ وَالهَاءُ لِلسَّكْتِ..تفسير الآية رقم (91): {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91)}{الكتاب} {آبَاؤُكُمْ}(91)- مَا عَرَفَ مُنْكِرُو الوَحْيِ، مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، اللهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ، وَلا عَظَّمُوهُ حَقَّ التَّعْظِيمِ الذِي يَسْتَحِقُهُ، إذْ كَذَّبُوا رَسُولَهُمْ صلى الله عليه وسلم؛ وَقَالُوا: (مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيءٍ)، فَقُلْ، يَا مُحَمَّدُ، لِهَؤُلاءِ المُنْكِرِينَ إِنْزَالَ كِتَابٍ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى البَشَرِ: مَنِ الذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، لِيَكُونَ نُوراً يُسْتَضَاءُ بِهِ فِي كَشْفِ الغَوَامِضِ، وَحَلِّ المُشْكِلاتِ، وَهُدىً يَهْتَدِي بِهِ مِنْ ظُلَمِ الشُّبُهَاتِ؟وَمُشْرِكُو العَرَبِ يُقِرُّونَ بِأنَّ التَّوْرَاةَ مُنَزَّلَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ عَلَى رَسُولِهِ مُوسَى، لِذَلِكَ يَكُونُ تَعَالَى قَدْ أَقَامَ الحُجَّةَ عَلَيْهِمْ بَأنَّ اللهَ يُنَزِّلُ الوَحْيَ وَالكُتُبَ عَلَى مَنْ يَخْتَارُهُمْ مِنْ خَلْقِهِ لِحَمْلِ رِسَالاتِهِ.وَقَدْ أَرْسَلَ مُشْرِكُو قُرَيشٍ وَفْداً إلَى المَدِينَةِ يَسْأَلُونَ أَحْبَارَ اليَهُودِ عَمَّا يَجِدُونَهُ فِي كُتُبِهِمْ عَنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَصِفَتِهِ، فَرَدَّ الأَحْبَارُ عَلَيْهِم: إِنَّهُمْ لا يَعْرِفُونَ عَنْهُ شَيْئاً. وَقَدْ اهْتَدَى اليَهُودُ بِالتَّوْرَاةِ، وَصَارُوا خَلْقاً آخَرَ مُتَمَسِّكاً بِالحَقِّ وَالعَدْلِ، حَتَّى اخْتَلَفُوا، وَنُسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ، وَاتَّبَعُو أَهْوَاءَهُمْ، وَجَعَلُوا كِتَابَهُمْ قَرَاطِيسَ يُبْدُونَهَا عِنْدَ الحَاجَةِ، فَكَانَ الحِبْرُ مِنْ أَحْبَارِهِمْ إذَا اسْتُفْتِيَ فِي مَسْأَلَةٍ لَهُ هَوًى فِي إِظْهَارِ حُكْمِ اللهِ فِيهَا كَتَبَ ذَلِكَ الحُكْمَ فِي قِرْطَاسٍ، وَأَظْهَرَهُ لِلْمُسْتَفْتِي وَخُصُومِهِ. وَكَانُوا يُخْفُونَ كَثِيراً مِنْ أَحْكَامِ الكِتَابِ وَأَخْبَارِهِ، إذَا كَانَ لَهُمْ هَوًى فِي ذَلِكَ وَمَصْلَحَةً. وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أنَّ الكِتَابَ كَانَ فِي أَيْدِي الأَحْبَارِ، وَلَمْ تَكُنْ فِي أَيْدِي العَامَّةِ نَسَخَ مِنْهُ، وَقَدْ أَخْفَى اليَهَودُ حُكْمَ رَجْمِ الزَّانِي فِي المَدِينَةِ، وَأَخْفَوا البِشَارَةَ الوَارِدَةَ فِي التَّوْرَاةِ بِبِعْثَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَكَتَمُوا صِفَتَهُ عَنِ العَامَّةِ، وَصَرَفُوهَا إلى مَعَانٍ أُخْرَى بِالنِّسْبَةِ لِلْخَاصَّةِ، لِكَيْلا يَتْبَعَهُ اليَهُودُ.وَيَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَتَوَلَّى هُوَ الجَوَابَ عَنْ هَذا السُّؤَالِ إذَا سَكَتَ الكُفَّارُ: وَلْيَقُلْ إنَّ الذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاة هُوَ اللهُ، ثُمَّ عَلَيهِ أَنْ يَتْرُكَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الضِّلالِ يَخُوضُونَ وَيَلْعَبُونَ كَالصِّبْيَانِ.مَا قَدَرُوا اللهَ- مَاعَرَفُوا اللهَ وَمَا عَظَّمُوهُ.قَرَاطِيسَ- أَوْرَاقاً مَكتُوبَةً مُتَفَرِّقَةً.قُلِ اللهُ- قُلْ أَنْزَلَهُ اللهُ (أَيْ أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ).خَوْضِهِمْ- فِيمَا يَخُوضُونَ فِيهِ مِنَ الحَدِيثِ وَالبَاطِلِ..تفسير الآية رقم (92): {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92)}{كِتَابٌ} {أَنزَلْنَاهُ} {بالآخرة}(92)- وَهَذَا القُرْآنُ كِتَابٌ عَظِيمُ القَدْرِ، أَنْزَلْنَاهُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ، كَمَا أَنْزَلْنَا مِنْ قَبْلُ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، وَقَدْ بَارَكْنَا فِيهِ فَجَعَلْنَاهُ كَثِيرَ الخَيْرِ، دَائِمَ البَرَكَةِ وَالمَنْفَعَةِ، يُبَشِّرُ بِالثَّوَابِ وَالمَغْفِرَةِ، وَيَنْهَى عَنْهُ المَعْصِيَةِ، مُصَدِّقاً لِمَا تَقَدَّمَهُ مَنْ الكُتُبِ المُنَزَّلَةِ عَلَى الأَنْبِيَاءِ، فِي المَبَادِئِ التِي جَاءَتْ بِهَا، وَقَدْ أَنْزَلْنَا هَذَا القُرْآنَ عَلَى مُحَمَّدٍ لِيُنْذِرَ أَهْلَ مَكَّةَ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنْ بِلادِ اللهِ جَمَيعاً (كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ)، وَلِيُحَذِّرَهُمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ وَبَأْسِهِ، إذَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِقِيَامِ السَّاعَةِ وَبِالمَعَادِ إلَى اللهِ فِي الآخِرَةِ لِلْحِسَابِ، يُؤْمِنُ بِهَذا القُرْآنِ، لأَنَّهُمْ يَجِدُونَ فِيهِ الهِدَايَةَ وَالسَّعَادَةَ فِي تِلْكَ الدَّارِ. وَالذِي يُؤْمِنُونَ بِالقُرْآنِ يُحَافِظُونَ عَلَى صَلاتِهِمْ فَيُؤَدُّونَها فِي أَوْقَاتِهَا، لأنَّ الصَّلاةَ عِمَادَ الدِّينِ، وَالمُحَافَظَةُ عَلَيها تَدْعُو إلى القِيَامِ بِسَائِرِ العِبَادَاتِ.أُمَّ القَرى- مَكَّةَ.مَنْ حَوْلَهَا- أَهْلُ الآفَاقِ- أَيْ أَهْلُ بِلادِ العَالَمِ جَمِيعاً.مُبَارَكٌ- كَثيرُ المَنَافِعِ وَالفَوَائِدِ (وَهُوَ القُرْآنُ)..تفسير الآية رقم (93): {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93)}{الظالمون} {غَمَرَاتِ} {والملائكة} {باسطوا} {آيَاتِهِ}(93)- لا أَحَدَ أَكْثَرُ ظُلْماً مِمَّنْ كَذَبَ عَلى اللهِ، فَجَعَلَ لَهُ شَرِيكاً أَوْ وَلَداً، أَوْ ادَّعَى أَنَّ اللهَ أَرْسَلَهُ رَسُولاً إلى النَّاسِ، وَلَمْ يَكُنِ اللهُ قَدْ أَرْسَلَهُ (كَالذِينَ يَدَّعُونَ النُّبُوَّةَ)، أَوِ ادَّعَى أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْزِل مِثْلَمَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنَ الوَحْيِ وَالقُرْآنِ (كَالذِينَ قَالُوا: لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا).وَهَؤُلاءِ الظَّالِمُونَ وَأَمثَالُهُمْ جُرْمُهُمْ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ. وَلَوْ تَرَى يَا مُحَمَّدُ حَالَهُمْ وَهُمْ يُعَانُونَ سَكَرَاتِ المَوْتِ، وَآلامَ اللَّحَظَاتِ الأَخِيرَةِ مِنْ حَيَاتِهِم التَّعِيسَةِ، لَرَأَيْتَ مَالا سَبِيلَ إلَى وَصْفِهِ وَتَصْوِيرِهِ مِنْ سُوءٍ، وَقَدْ جَاءَتْهُمْ مَلائِكَةُ المَوْتِ بَاسِطِينَ إِلَيْهِمْ أَيْدِيَهُمْ بِالضَّرْبِ وَالعَذَابِ لِيَسْتَخْرِجُوا أَرْوَاحَهُمْ مِنْ أَجْسَادِهِمْ، بِقَسْوَةٍ وَعُنْفٍ، لِمَا كُنْتُمْ تَكْذِبُونَ عَلَى اللهِ، وَتَسْتَكْبِرُونَ عَنِ اتِّبَاعِ آيَاتِهِ، وَالانْقِيَادِ إلَى رُسُلِهِ.غَمَرَاتِ المَوْتِ- سَكَرَاتِهِ وَشَدَائِدِهِ.أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ- خَلِّصُوهَا مِمَّا هِيَ فِيهِ مِنَ العَذَابِ- أَوْ تَخَلَّوْا عَنْهَا.عَذَابَ الهُونِ- الهَوَانَ الشَّدِيدَ وَالذُّلَّ وَالخِزْيَ..تفسير الآية رقم (94): {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (94)}{فرادى} {خَلَقْنَاكُمْ} {خَوَّلْنَاكُمْ} {شُرَكَآءُ}(94)- ثُمَّ يَصِفُ اللهُ تَعَالَى حَالَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُولُ: إِنَّهُمْ يُقَالُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ: لَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوْلَ مَرَّةٍ، وَكَمَا بَدَأْنَاكُمْ أَعَدْنَاكُمْ، وَكُنْتُمْ تُنْكِرُونَ ذَلِكَ، وَتَسْتَبْعِدُونَهُ، فَهَذَا هُوَ يَوْمُ البَعْثِ الذِي كُنْتُمْ تُكَذِّبُونَ بِهِ، وَقَدْ تَرَكْتُمْ فِي الدُّنْيا مَا آتَيْنَاكُمْ فِيهَا مِنَ النِّعَمِ، وَالأَمْوَالِ التِي جَمَعْتُمُوهَا. وَيُقَرَّعُونَ عَلَى مَا كَانُوا اتَّخَذُوهُ فِي الدُّنْيا مِنَ الأَنْدَادِ وَالأَصْنَامِ ظَانِّينَ أَنَّهَا تَنْفَعُهُمْ فِي مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ، فَيُقَالُ لَهُمْ: إنَّنَا لا نَرَى مَعَكُمُ الشُّفَعَاءَ الذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ لَهُمْ قِسْطاً مِنْ اسْتِحْقَاقِ العِبَادَةِ، لَقَدْ تَقَطَّعَتْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمُ الأَسْبَابَ وَالصِّلاتُ، وَتَلاشَتْ آمَالُكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَهُ مِنْ رَجَاءِ شَفَاعَتِهِمْ.(وَيُرْوَى فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ: أَنَّ النَّضْرَ بْنَ الحَارِثِ، وَهُوَ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشِ، قَالَ: سَتَشْفَعُ لِي اللاتُ وَالغُزَّى).مَا خَوَّلْنَاكُمْ- مَا أَعْطَيْنَاكُمْ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيا.تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ- تَفَرَّقَ الاتِّصَالُ بَيْنَكُمْ..تفسير الآية رقم (95): {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95)}(95)- وَمِنْ دَلائِلِ قُدْرَتِهِ تَعَالَى عَلَى بَعْثِ العِبَادِ مِنْ قُبُورِهِمْ يَوْمَ المَعَادِ، أَنَّهُ هُوَ الذِي يَشُقُّ الحَبَّ وَالنَّوى فِي جَوْفِ الأَرْضِ، بَعْدَ أنْ يُخَالِطَهُ الَماءُ، فَتَنْبُتُ الزُّرُوعُ مِنَ الحُبُوبِ، وَتَنْبُتُ الأَشْجَارُ مِنَ النَّوَى، وَاللهُ يُخْرِجُ النَّبَاتَ الحَيَّ مِنَ الحَبِّ وَالنَّوَى الذِي هُوَ كَالجَمَادِ المَيِّتِ. وَالذِي يَفْعَلُ ذَلِكَ كُلَّهُ هُوَ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ (ذِلكُمُ اللهُ) فَكَيْفَ تُصْرَفُونَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَنِ الحَقِّ، وَتَعْدِلُونَ عَنْهُ إلَى البَاطِلِ، فَتَعْبُدُونَ مَعَهُ غَيْرَهُ؟فَالِقُ الحَبِّ- شَاقُّ الحَبِّ عَنِ النَّبَاتِ، أَوْ خَالِقُهُ.فَكَيْفَ تُؤْفَكُونَ- فَكَيْفَ تُصْرَفُونَ عَنُ عِبَادَتِهِ..تفسير الآية رقم (96): {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96)}(96)- وَاللهُ تَعَالَى هُوَ خَالِقُ الضِّيَاءِ وَالظَّلامِ، وَهُوَ يَفْلِقُ ظَلامَ اللَّيلِ عَنْ غُرَّةِ الصَّبَاحِ، فَيُضِيءُ الوُجُودُ، وَيَتَلاشَى الظَّلامُ، وَهُوَ الذِي جَعَلَ اللَّيَلَ سَاجِياً مُظْلِماً لِتَسْكُنَ فِيهِ الكَائِنَاتِ، وَتَرْتَاحَ مِنْ عَنَاءِ النَّهَارِ، وَجَعَلَ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ يَجْرِيَانِ بِحِسَابٍ مُقَنَّنٍ مُقَدَّرٍ، لا يَتَغَيَّرُ وَلا يَتَبَدَّلُ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَنَازِلُ يَسْلُكُها، وَيَنْتُجُ مِنْ ذَلِكَ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ جَارٍ بِتَقْدِيرٍ مِنَ اللهِ العَزِيزِ الذِي لا يُمَانَعُ وَلا يُخَالَفُ، وَهُوَ العَلِيمُ بِكُلِّ شَيءٍ، فَلا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ.فَالِقُ الإِصْبَاحِ- شَاقُّ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ عَنْ بَيَاضِ النَّهَارِ.حُسْبَاناً- يَجْرِيَانِ بِحِسَابٍ مُقَدَّرٍ فِي فَلَكِهِمَا..تفسير الآية رقم (97): {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97)}{ظُلُمَاتِ} {الآيات}(97)- وَجَعَلَ اللهُ النُّجُومَ لِيَهْتَدِي بِهَا النَّاسَ فِي الأَوْقََاتِ التِي يَغْشَى فِيها الأَرْضَ الظَّلامُ، وَلِيَعْرِفُوا الاتِّجَاهَاتِ، حِينَمَا تَكُونُ الشَّمْسَ غَائِبَةً. وَيَقُولُ تَعَالَى: إنَّهُ بَيَّنَ الآيَاتِ وَوَضَّحَهَا لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، وَيَعْرِفُونَ الحَقَّ، وَيَتَجَنَّبُونَ البَاطِلَ..تفسير الآية رقم (98): {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98)}{وَاحِدَةٍ} {الآيات}(98)- وَاللهُ تَعَالَى هُوَ الذِي أَنْشَأَ البَشَرَ، وَخَلَقَهُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، هِيَ نَفْسُ آدَمَ، إذْ خَلَقَهُ مِنْ طِين (وَهُوَ تُرَابٌ خَالَطَهُ مَاءٌ)، ثُمَّ خَلَقَ مِنْ هَذِهِ النَّفْسِ زَوْجَها (حَوَّاءَ)، وَبَثَّ البَشَرَ جَمِيعاً مِنْهُمَا بِالتَّزَاوُجِ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ، وَذَلِكَ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللهِ، فَمَقَرُّ النُّطْفَةِ صُلْبُ الرَّجُلِ، وَمُسْتَوْدَعُها رَحْمُ الأَنْثَى (فَتَخْرُجُ النُّطْفَةُ مِنْ مُسْتَقَرِّهَا فِي الأَصْلابِ وَتُسْتَوْدَعُ فِي الأَرْحَامِ فَيَتَخَلَّقُ البَشَرُ).وَيَقُولُ تَعَالَى: إنَّهُ فَصَّلَ الآيَاتِ وَبَيَّنَها لِمَنْ يَفْقَهُونَ، لأنَّهُمْ هُمُ الذِينَ يَعُونَ كَلامَ اللهِ، وَيَفْهَمُونَ مَعْنَاهُ.مُسْتَقَرُ النُّطْفَةِ- فِي أَصْلابِ الذُّكُورِ (وَقِيلَ لا بَلْ فِي الأَرْحَامِ).وَمُسْتَوْدَعُها- فِي أَرْحَامِ الإِنَاثِ (وَقِيلَ لا بَلْ تُسْتَودَعُ فِي أَصْلابِ الذُّكُورِ)..تفسير الآية رقم (99): {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)}{جَنَّاتٍ} {مُشْتَبِهاً} {لآيَاتٍ}(99)- وَهُوَ الذِي أَنْزَلَ بِقَدَرٍ مِنْهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً، وَرِزْقاً لِلْعِبَادِ، وَإِحْيَاءً وَغِيَاثاً لِلْخَلائِقِ، فَأَخْرَجَ النَّبَاتَ وَالزُّروعَ وَالشَّجَرَ الأَخْضَرَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَخْلُقُ فِيهِ الحَبَّ وَالثَّمَرَ، وَيَرْكَبُ بَعْضُ الحَبِّ بَعْضاً كَسَنَابِلِ القَمْحِ وَالذُّرَةِ وَنَحْوِهَا، وَيُخْرِجُ مِنْ طُلُوعِ النَّخْلِ عُذُوقَ الرَّطَبِ (قِنْوَانٌ- وَهِيَ عَنَاقِيدُ التَّمْرِ)، وَتَكُونُ دَانِيةً قَرِيبَةً مِنَ المُتَنَاوَلِ، وَيُخْرِجُ بِالمَاءِ بَسَاتِينَ (جَنَّاتٍ) العِنَبِ وَيُخْرِجُ الزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ. وَثِمَارُ هذِهِ الأّشْجَارِ تَتَشَابَهُ فِي مَنْظَرِهَا، وَتَخْتَلِفُ فِي طَعْمِها، فَانْظُرُوا، فِي تَدَبُّرِ وَتَمَعُّنِ، إلَى ثَمَرِهِ حِينَ يُثْمِرُ، وَإلى نُضْجِهِ، وَفَكِّرُوا فِي قُدْرَةِ الخَالِقِ، الذِي أَخْرَجَهُ إلَى الوُجُودِ، فَبَعْدَ أنْ كَانَ حَطَباً صَار ثَمَراً صَغِيراً، ثُمَّ أَخَذَ فِي النَّمَاءِ حَتَّى صَارَ فَاكِهَةً نَاضِجَةً، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ، يَا أَيُّها النَّاسُ، دَلالاتٍ عَلَى وُجُودِ خَالِقِ هَذِهِ الأَشْيَاءِ، وَعَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ، لِقَوْمٍ يُصَدِّقُونَ بِهِ، وَيَتَّبِعُونَ رُسُلَهُ.خَضِراً- شَيْئاً أَخْضَرَ غَضّاً.حَبّاً مُتَرَاكِباً- يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضاً، كَسَنَابِلِ القَمْحِ وَعَنَاقِيدِ الذُّرَةِ.طَلْعُ النَّخْلِ- أَوَّلُ مَا يَخْرُجُ ثَمَرُ النَّخْلِ فِي الكِيزَانِ.قِنْوانٌ- عُذُوقُ النَّخْلِ. وَهِيَ كَالعَنَاقِيِدِ لِلْعِنَبِ تَنْشَقُّ عَنْهَا الكِيزَانُ.دَانِيةً- مُتَدَلِّيَةً أَوْ قَريبَةً مِنْ مُتَنَاوَلِ اليَدِ.يَنْعِهِ- نُضْجِهِ.
|